preloader-image-gif

عمرة البدل في الإسلام

  • مشروعية النيابة في الحج والعمرة


شاهد المقطع كاملاً :


** تعريف النيابة في العمرة :

النيابة في العمرة تعني أن يقوم شخص مسلم بأداء مناسك العمرة نيابة عن شخص آخر، وذلك لوجود عذر شرعي يمنع المنوب عنه من أداء النسك بنفسه.


** مشروعية النيابة في الحج أو العمرة :

ثبتت من خلال نصوص السنة النبوية، سواء بالتصريح بجوازها أو بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد الحج عن غيره، ومن الأدلة على ذلك:


أولًا: أدلة من القرآن الكريم:

لا يوجد نص صريح في القرآن يذكر النيابة في العمرة، لكن العلماء استدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 196]

قال ابن قدامة في "المغني" (3/185): "أمر الله تعالى بإتمام الحج والعمرة، وهذا الأمر يتناول من أتمها عن نفسه أو عن غيره ممن عجز عنها، لأن المقصود إقامة الشعيرة "


ثانيًا: أدلة من السنة النبوية:

1. حديث أبي رزين العقيلي رضي الله عنه: قال: أتيت النبي ﷺ فقلت: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: "حج عن أبيك واعتمر." رواه أبو داود (1810) والترمذي (930) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

2. حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي ﷺ فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: "نعم، حجي عنها، أرأيتِ لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء." رواه البخاري (6699).

3. حديث بريدة رضي الله عنه: قالت امرأة: إن أمي ماتت ولم تحج أفأحج عنها؟ قال: "حجي عنها." رواه البخاري (1852) ومسلم (1149).

4. حديث شبرمة: عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: "من شبرمة؟" قال: قريب لي قال: "هل حججت عن نفسك؟" قال: لا قال: "حج عن نفسك ثم عن شبرمة." رواه أبو داود (1811) وابن ماجه (2903) وصححه الألباني.


ثالثًا: أقوال السلف والعلماء المتقدمين:

1. ابن قدامة (المغني 3/185): "أجمع أهل العلم على جواز الحج عن الميت الذي لا يستطيع الحج بنفسه، وكذلك العمرة."

2. النووي (المجموع شرح المهذب 7/111): "أجمع العلماء على جواز الحج عن الميت، وكذلك العمرة."

3. ابن تيمية (مجموع الفتاوى 26/12): "من مات وعليه حج أو عمرة، أُحج عنه ويُعتمر عنه باتفاق الأئمة الأربعة."

4. ابن المنذر (الإجماع ص 53): "أجمعوا على أن من لم يستطع الحج بنفسه لعذر، جاز أن يُحج عنه."


رابعًا: أقوال العلماء المعاصرين:

1. الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "لا بأس أن يؤدي العمرة عن والده، ويكلف شخصًا ثقة يؤدي عنه الحج، لا بأس بذلك، وإن تولى بنفسه أداء العمرة والحج عن والده فهذا أكمل في البر، ويجوز أن يؤدي الحج عن والده شخص غيره وهو يؤدي العمرة. كما يجوز أن يحج عن شخص ويعتمر عن شخص آخر، كل هذا لا بأس به." [مجموع فتاوى ابن باز 16/405]

2. الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: "العمرة عن الغير جائزة إذا كان المنوب عنه ميتًا أو عاجزًا عجزًا لا يرجى زواله." [الشرح الممتع 7/51]

3. اللجنة الدائمة للإفتاء: "يجوز أداء العمرة عن الميت أو العاجز عجزًا دائمًا، ولا يجوز عن القادر." [فتاوى اللجنة الدائمة 11/77]


خامسًا: أقوال العلماء في الشروط:

1. الإمام الشافعي (الأم 2/121): "ولا يجوز أن يحج الرجل عن غيره حتى يحج عن نفسه، وكذلك العمرة."

2. الحنابلة (كشاف القناع 2/406): "ويشترط إذن المنوب عنه إذا كان حيًا."

3. المالكية (الشرح الكبير للدردير 2/22): "لا تجوز النيابة في العمرة عن الحي إلا في حالات الضرورة."


سادسًا: ملخص الشروط والأحكام:

أن يكون المنوب عنه ميتًا أو عاجزًا عجزًا دائمًا.

أن يكون النائب قد اعتمر عن نفسه أولًا.

أن ينوي العمرة عن المنوب عنه.

أن يكون بإذن الحي إذا كان المنوب عنه حيًا.


** فضل النيابة عن الغير في الحج والعمرة :

حثت الشريعة الإسلامية على إعانة المسلم لأخيه وتفريج كربته، ومن ذلك أداء النسك عن العاجز أو المتوفى.

قال تعالى: " وَتَعَاوَنُوا عَلَى بالْبِرِّ وَالتَّقْوَى "

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته..."

وقد ذكر الإمام النووي: أن الحج عن الغير فيه أجر عظيم، وأنه من أفضل الأعمال، خاصة إذا كان عن أحد الوالدين أو الأقارب أو من له حق على النائب.


** شروط النيابة في الحج والعمرة :

ذكر الفقهاء عدة ضوابط للنيابة، منها:

النية:

يشترط أن ينوي النائب أداء النسك عن المنوب عنه، ويستحب أن يصرح بذلك عند الإحرام، كأن يقول: "لبيك عمرة عن فلان"، وتكفي نية القلب إذا لم يتيسر التصريح.

عجز المنوب عنه عن أداء النسك بنفسه:

اتفق العلماء على أنه لا يجوز توكيل القادر على أداء الحج بنفسه، وإنما تجوز النيابة عن العاجز أو المتوفى فقط.

إذن المنوب عنه إذا كان حيًا:

يشترط إذن الشخص الحي إذا أُريد الحج أو العمرة عنه، أما المتوفى فيجوز الحج عنه من غير إذن.


** صفة العمرة باختصار الإحرام:

نية الدخول في النسك، ويستحب الاغتسال والتطيب قبل الإحرام، ولبس ثياب الإحرام (إزار ورداء للرجل، وملابس محتشمة للمرأة).

التلبية: يشرع في التلبية بعد الإحرام، ويرفع الرجل صوته بها، أما المرأة فتخفض صوتها.

الطواف: يطوف بالبيت سبعة أشواط، يبدأ بالحجر الأسود وينتهي به، ويستحب استلام الحجر وتقبيله إن تيسر.

صلاة ركعتين خلف المقام: بعد الطواف يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم إن أمكن.

السعي بين الصفا والمروة: سبعة أشواط، يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة، ويستحب الدعاء والذكر أثناء السعي.

الحلق أو التقصير: بعد إتمام السعي، يحلق الرجل رأسه أو يقصره، أما المرأة فتقصر من شعرها قدر أنملة.


وبذلك تكتمل أعمال العمرة ويحل المحرم من إحرامه.